بمناسبة ذكرى عاشوراء، ذكرى انتصار الدم على السيف أقام تجمع العلماء المسلمين ندوة فكرية تحت عنوان: «من كربلاء إلى غزة عاشوراء انتصار الدم على السيف».
حاضَّر فيها عضو المجلس المركزي في التجمع سماحة الشيخ علي العفي بعنوان: “مفهوم النصر والهزيمة على ضوء عاشوراء في تجربتي لبنان وغزة”، وعضو الهيئة العامة في التجمع سماحة الشيخ الدكتور عبد القادر ترنني بعنوان :”المقاومة الحسينية وأثرها في استنهاض الأمة، لبنان وغزة نموذجاً”، أدار الندوة أمين السر في مجلس الأمناء سماحة الشيخ علي خازم.
بداية تحدث أمين السر في مجلس الأمناء سماحة الشيخ علي خازم مفتتحاً الندوة بقوله: تشترك العلاقة بعاشوراء في إحيائها الذي يحتمل أوجهاً، منها الانفصال الذي يعني غيابها عن الخاطر، فيقتضي الإحياء هنا استذكارها الذي قد لا يتجاوز حدود رفع التكليف للإحياء او إحراز ثواب الدمعة. لكننا في تجمع العلماء المسلمين انطلقنا من اجتماعنا الأول في طهران لا لنُحيي بل لنَحيا عاشوراء في الجنوب والبقاع الغربي، فكنا مع المقاومة والمقاومين في خنادقهم ومع الصابرين الصامدين، نحفظ نجيع الدم المتصل بكربلاء، هذا الدم الذي استطاع أن يكسر سيف الصهيونية، كما انتصر الدم الحسيني على الظلم اليزيدي. ونحن في تجمع العلماء المسلمين كما حملنا الدم الحسيني ثورة ومقاومة، حملنا ونحمل الرسالة الزينبية، الوجه الآخر للثورة الحسينية، فكنا وما زلنا مع المقاومة الإسلامية ورهن إشارة قيادتها في كل الظروف. واليوم إذ تتصل غزة بكربلاء ويتصل السابع من أكتوبر بالعاشر من المحرم، ليعود الدم منتصراً على السيف، ها نحن نحتفي بالذكرى لنرسم منها معالم في الطريق، تكون بياناً للأمة ومنهاجاً تتبعه إستناناً بالقيام الحسيني وبلاغ لرسالة الله عز وجل بوجوب الانتصار للمظلومين والدفاع عن المستضعفين كما قال تعالى: “وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنتَصِرُونَ”، فعبر عن القيام بالنصر تحقيقاً لحصوله إن كان القيام لله عز وجل.
ثم تحدث سماحة الشيخ علي العفي “مفهوم النصر والهزيمة على ضوء عاشوراء في تجربتي لبنان وغزة” ومما جاء فيها:
هنا ندخل إلى الصراع مع الكيان الغاصب لفلسطين، فإن المقاومة الإسلامية السائرة على نهج الإمام الحسين عليه السلام منذ تأسيسها بعد احتلال الصهاينة للبنان عام 82 عملت على تحرير الأرض، وقد لقنت الاحتلال دروساً قاسية حتى اضطر إلى الانسحاب من الأراضي المحتلة عام 2000، وكان التحرير بعد بذل التضحيات الجسام من الأنفس والأموال وسقوط الشهداء بالمئات، ثم جاءت حرب 2006 التي حاول فيها الاحتلال الثأر لنفسه وإذا به يعود بالذل والخسران، ويُسَجل نصر جديد للمقاومة الإسلامية يفوق نصر 2000، وهكذا نجد أن العدو يسجل هزيمة بعد أخرى، بينما تسجل المقاومة الإسلامية نصراً بعد آخر، ثم جاء التحرير الثاني في الحدود الشرقية للبنان حيث انتصرت المقاومة الإسلامية مجدداً على الدواعش الذين عاثوا فساداً في البلاد والعباد، ناهيك عن الدور الذي لعبته المقاومة الإسلامية في الإقليم، سوريا والعراق واليمن دفاعاً عن الكيان ومواجهة الأعداء المتآمرين على كل الإقليم، انتصرت المقاومة محققة أهدافها في التحرير، وانهزم الأعداء وفشل مشروعهم، كل ذلك بفضل السير على نهج الإمام الحسين عليه أفضل الصلاة والسلام، ثم جاء يوم السابع من أكتوبر وعملية طوفان الأقصى التي رسمت هدفاً لتحرير الأسرى من سجون الصهاينة، وكانت المفاجأة الكبرى حيث انهارت مستعمرات الغلاف بسرعة لم تتوقعها المقاومة الفلسطينية حماس، وتبين هشاشة قوة الأعداء الصهاينة مع ما يملكونه من أسلحة متطورة وإمكانات هائلة، لكنهم لا يملكون الشجاعة الكافية، بل جُل اعتمادهم قائم على خذلان العرب للقضية الفلسطينية، ولو كان العرب جادين في الدفاع عن فلسطين لما كان هناك دولة لإسرائيل، فإن سكوت العرب عنهم منحهم القوة والمنعة في وجه الفلسطينيين، ومع تصدي حماس وقيامها بهذا العمل الجريء في غلاف غزة انكشفت عورة الاحتلال أمام العالم الذي هب لمساعدتهم، لإنقاذهم من المأزق الذي أوقعتهم فيه المقاومة الفلسطينية.
ثم تحدث سماحة الشيخ الدكتور عبد القادر ترنني “المقاومة الحسينية وأثرها في استنهاض الأمة، لبنان وغزة نموذجاً” هذا بعض ما قاله:
نهضة الحسين(ع) أيها الأحبة تعلمنا أننا سوف نجد في كل عصر في كل زمان وفي كل مكان علماء سوء، يفتون للسلطان ما يريد، يقفون في قبالة الحق، ومشروع الحق، ورسالة الحق، وكل من يرفع راية الحق، حتى لو كان صاحب هذه الراية هو الحسين ابن محمد رسول الله، لا بل حتى لو كان رافع هذا الشعار هو محمد رسول الله صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله، ومن أجل ذلك لم يقلها نبينا عبثاً “حسين مني”، فهمنا هذه المنية أن يكون الحسين من محمد رسول الله، لكن بالله عليكم من يستطيع منكم أن يشرح المنية الثانية؟ وأنا من حسين! الأولى نستطيع شرحها، أما المنية الثانية فهي منية تحمل في طياتها كل معاني الإعجاز، لن تستطيع أمة الإسلام أن تفهم معنى قول النبي الأعظم “وأنا من حسين” إلا أن تُكشف عنها كل الحجب إلا أن تقف صفاً واحداً، وأن تكون أمة واحدة كما أرادها الحق تبارك وتعالى.
نعم أيها الأحبة، ما نراه اليوم في غزة، في فلسطين، في جنوب لبنان، في العراق، في اليمن، نعم نحن نرى نهضة على طريق الحسين(ع) تقاوم محور الشر على امتداد العالم، قوة ناهضة اليوم تمثل الحركة الإسلامية الإنسانية. أي دولة وأي قانون في العالم اليوم يلبي طلب الإنسان والإنسانية؟ كل العالم اليوم، كل الطبقة المثقفة اليوم تنادي بضرورة مواجهة إسرائيل ورفع الظلم عن أهلنا في فلسطين المحتلة في أميركا وفي كندا وأستراليا وكل دول الغرب الظالم، الدول، الحكومات المجرمة هنالك طبقات مثقفة من يلبي نداءات هذه الطبقة المثقفة، تبين أيها الأحبة أن كل قوانين العالم قد باتت تحت أرجل الناس، تحت أرجل الإنسانية، وتبين لكل ذي لب وبصيرة أن مشروع وأن محور المقاومة هو الوحيد الذي يلبي طلب الإنسان وطلب الإنسانية على امتداد العالم.