افتتح تجمع العلماء المسلمين دورة نشاطاته للفترة المقبلة تحت عنوان:” دورة طوفان الأقصى” باجتماع للهيئة العامة، تدارس فيها الأوضاع على الساحتين المحلية والإقليمية وصدر عنه بيان ختامي تلاه رئيس الهيئة الإدارية الشيخ الدكتور حسان عبد الله، ننقل الجانب السياسي منه:
أولاً: على صعيد الوحدة الإسلامية: لقد أثبتتْ معركةُ طوفانِ الأقصى أن هذه الأمةَ هي أمةٌ واحدةٌ يجمعُها هدفٌ واحدٌ وهو تحريرُ فلسطين، وأن كلَّ ما عَمِلَ عليه الغربُ من أجلِ تفريقِ الأمةِ وإيقاعِ الفتنةِ بين أبنائها قد فشِلَ في اللحظةِ التي أُطْلِقتِ الرصاصةُ الأولى باتجاهِ العدوِّ الصهيونيِّ في السابعِ من تشرين الأول، إن طوفانَ الأقصى وحّدِتِ الأمةَ وأضاعتْ جهودَ العدوِّ الغاشمِ المتربّصِ بأمّتِنا والذي يهدِفُ إلى تفريقِنا، لذلك يجبُ أن نستفيدَ من معركةِ طوفانِ الأقصى في التأكيدِ على وحدةِ هذهِ الأمة، والعملِ على تمتينِ أواصرِ هذه الوحدةِ وأن لا نرجعَ إلى الفتنةِ، سيحاولُ الأعداءُ وبوسائلَ شتّى أن يعيدوا الفتنةَ إلى داخلِ أمّتِنا وبين طوائفِنا ومذاهبِنا يجبُ أن يعرفَ الجميعُ أن الطوائفَ والمذاهبَ هي أمورٌ ليس لها علاقةٌ بالسياساتِ التي تحصل، إن العدوَّ لا يريدُ فئةً دونَ أخرى، وطائفةً دون أخرى، ومذهباً دونَ آخر، إنما يريدُ رأسَ الدينِ وما يعملُ له العدوُّ من خلالِ بثِّ الأمورِ المنافيةِ للأخلاقِ والمنافيةِ للدينِ إنما هو في هذا الإطار، لذلك يجب علينا نحن العلماءَ أن نعملَ وبكلِّ قوةٍ على تكريسِ الوحدةِ في مواجهةِ الفتنةِ وفي مواجهةِ الأعداءِ، وبالوحدةِ فقط نستطيعُ أن نحقِّقَ النصرَ الناجز.
في فلسطين: غزةُ اليومَ هي العنوانُ وهي ما زالت صامدةً في وجهِ العدوِّ الصهيونيِّ مع كلِّ آلاتِ الدمارِ ومع كلِّ التغذيةِ بالسلاحِ شِبهِ اليوميةِ من مخازنِ أوروبا وأمريكا للعدوِّ الصهيونيِّ، استطاعتْ هذه المقاومةُ أن تقفَ بوجهِ العالمِ، وأن تمارسَ مقاومةً وجهاداً، وأثبتت للعالم أنه إذا الشعبُ أرادَ الحياةَ فلا بد أن يستجيبَ القدر. نحن نعتبرُ أن قيادةَ حماس اليومَ للمفاوضاتِ إنما هي جزءٌ من المعركة، ولعلّها أشدُّ وأكبرُ من المعركةِ التي تحصلُ في الميدان، إن العدوَّ يحاولُ الحصولَ على مكاسبَ سياسيةٍ من خلالِ المفاوضاتِ لم يستطعْ أن يحقِّقَها أو أن يُنْجِزَها من خلالِ العدوانِ المباشر، لذلك نحن ندعو لحركةِ حماس أن يثبِّتَها الله عزّ وجل، وأن تقفَ في وجهِ كلِّ محاولاتِ الفرضِ ولا نملي عليهم، هم يقدّرونَ المصلحةَ ونحنُ معهم في أيِّ قرارٍ يتخذونه. بالنسبةِ لما أعلنَهُ رئيسُ الولاياتِ المتحدةِ الأمريكيةِ جو بايدن حول موضوعِ المرفأِ العائمِ، إن هذا الأمرَ هو محاولةٌ لذرِّ الرمادِ في العيون، فهو من جهةٍ يريدُ أن يقولَ إنه يريدُ أن يُدخِل المساعداتِ إلى داخلِ غزّة، مع أنهُ يستطيعُ وبكلِّ سهولةٍ أن يتّخِذَ قراراً بإدخالِ المساعداتِ من خلالِ معبرِ رفح، إن الهدفَ من وراءِ هذا المرفأِ متعدّدٌ وهو يأتي ضمنَ خطةٍ استراتيجيةٍ تريدُ من خلالها الولاياتُ المتحدةُ الأمريكيةُ السيطرةَ على الثروةِ الواعدةِ من النفطِ والغازِ الموجودةِ في بحر غزة، ولذلك هناك اتفاقاتٌ عُقِدَت بين بعضِ الشركاتِ والكيانِ الصهيونيِّ حولَ هذه الثروة. إن هذا المرفأ العائمَ هو رأسُ جسرٍ للسيطرةِ على غزّةِ ولإدخالِ قواتٍ أمريكيةٍ إلى تلك المنطقة، نحن نعتقدُ أنه لا بد من إفشالِ هذا المشروع، والمقاومةُ تستطيعُ أن تُفشِلَهُ من خلالِ التعاملِ معه بالوسائلِ العسكريةِ المناسبةِ، إننا ننظرُ بكلِّ افتخارٍ للمقاومةِ المتصاعدةِ في الضفةِ الغربيةِ، ونتوقعُ منها أن تمارسَ التصعيدَ مقابلَ كلِّ تصعيدٍ يحصلٌ في غزّةَ لأنها الجناحُ الآخرُ الذي نعتمدُ عليهِ بعدَ الله في إيقافِ هذا العدوانِ على غزةَ وإجبارِ العدوِّ الصهيونيِّ على التراجع.
إن معركةَ غزة قد حقّقتْ أهدافَها بعدَ السابعِ من تشرين الأول، ونتنياهو يعيشُ المأزقَ الآن، فهو على غير توافقٍ مع بعضِ شركائِهِ في الحكمِ ولا يستطيعُ أن يفرضَ ما يريد، ولكنّهُ في نفسِ الوقتِ يتعنّتُ ويرفضُ الدخولَ في الحلِّ الذي تريدُهُ المقاومةُ والمبتني أساساً على وقفٍ دائمٍ لإطلاقِ النارِ، وعلى إدخالِ المساعداتِ وإعادةِ البناء، ولا يمكنُ أن يحصلَ تبادلُ أسرى إلا من خلالِ تحقيقِ هذه الأهدافِ الثلاثة. إن القدسَ في هذه الأيام في شهرِ رمضانَ المباركِ لها نكهةٌ خاصةٌ، فالوصولُ إلى المسجدِ الأقصى الذي يعملُ العدوُّ الصهيونيُّ على جعلِهِ شِبْهَ مستحيلٍ على أهالي الضفة، يجب أن يكونَ هناكَ نفيرٌ عامٌ ومحاولةٌ للوصولِ إلى داخلِ المسجدِ الأقصى، وإن لم يكن فالصلاة على جَنَبَاتِهِ لأنه ليس هو وحدَهُ المبارك، بل إن الله باركَ فيما حولَه، ولكن الهدفَ يجب أن يبقى دائماً الدخولُ إلى المسجدِ الأقصى وإحياءُ الليالي والاعتكافُ فيه والصمودُ والمرابطةُ في وجهِ الانتهاكاتِ اليوميةِ للعدوّ الصهيوني.
يومُ القدسِ في هذه السنةِ سيكونُ له طعمٌ آخر، فهو ليس فقط مجرّدَ مسيراتٍ تسيرُ هنا وهناك وإنما هو جهادٌ يُبذلُ في سبيلهِ الدمُ ويرتفعُ في سبيلهِ الشهداءُ والجرحى والأسرى، ولكنه سيكون إن شاءَ الله سبباً في زوالِ الكيانِ الصهيوني. وهنا لا بد من الإشارة إلى العربِ المتخاذلينَ المطبعّينَ العملاءِ، الصهاينةِ أكثرَ من الصهاينةِ الخبثاء، الذين يقومون اليوم بتسهيلِ مرورِ شاحناتِ الأغذيةِ إلى الكيانِ الصهيونيِّ عبر الإماراتِ والسعوديةِ والأردن، ونتوجّهُ إلى شعوبِ هذه الدولِ لاتخاذِ الإجراءاتِ المناسبةِ لمنعِ هذا الجسرِ من أن يستمرَّ وفرضِ إنهائهِ وزواله.
في لبنان: لم تُقصّر المقاومةُ وهي دخلتْ من اللحظةِ الأولى في مساندةِ الشعبِ في فلسطينَ والمقاومةِ في فلسطين، لأنها أكّدَتْ أولاً بأنها جزءٌ من المحورِ وركنٌ أساسيٌّ فيه وبالتالي فإنّ المعاركَ التي تُخاضُ اليومَ في فلسطين ولبنان والعراق واليمن وسوريا تؤكد على أن المحور أصبح أمراً واقعاً، وأننا نستطيعُ نحنُ هنا في لبنانَ أن نشكّلَ دعماً لفلسطينَ وأن لا نسمحَ للكيانِ الصهيونيِّ بالانتصار، لأن هذا الكيانَ إن استطاعَ أن ينتصرَ على غزةَ لا سمحَ الله فإنه سينتقلُ ليعودَ ويحقّقَ حِلْمَهُ التاريخيَّ في اعتبارِ أن أرضَ الكيانِ الصهيونيِّ من النيلِ إلى الفراتِ هم لم يتخلوا لحظةً واحدةً عن هذا الحُلُم، وبالتالي سنحوِّلُ هذا الحلمَ إلى كابوس، ولن يستطيع العدوُّ الصهيونيُّ تحقيقَ أهدافهِ، وسيأتي اليوم الذي لا يقفُ الأمرُ عندَ حدودِ إطلاقِ الصواريخِ باتجاه الجليلِ الأعلى، بل دخولِ المجاهدينَ المقاومينَ قواتِ الرضوانِ وغيرهم مع بقيةِ جنودِ المحورِ إلى داخلِ فلسطينَ المحتلةِ لتحرِيرها، ودقٍّ المسمارِ الأخيرِ في نعشِ هذا الكيانِ الذي باتَ اليومَ في أيامِهِ الأخيرة.
إلى شعب اليمن البطل: الرجالُ، الرجالُ الذينَ استطاعوا أن يُثْبِتوا أنهم يستطيعونَ مدَّ يدِ العونِ إلى أهلهِم في فلسطين، واستطاعوا قطعَ الشريانِ الحيويّ لدعمِ الكيانِ الصهيونيِّ في وقتٍ أنّ بقيةَ العربِ فتحوا لها مساراً بديلاً كما قلنا لذلك فإننا نتوجهُ للشعبِ اليمنيِّ ولأنصارِ الله وللقائدِ السيد عبدِ الملكِ الحوثيِّ بالتحيةِ ونقول لهم أنتم ستكونونَ رأسَ الحربةِ في مشروعِ محورِ المقاومةِ الهادفِ لزوالِ الكيانِ الصهيونيِّ، ونؤكدُ هنا على ضرورةِ الوحدةِ اليمنيةِ وأن يعودَ الجنوبً ليضعَ يدَهُ بيدِ الشمالِ وتكونَ اليمنُ دولةً واحدةً قويةً عزيزةً مستقلةً حرةً سيدة.
في العراق: أكّدَ العراقُ أنهُ جزءٌ من هذا المحورِ ويستطيعُ أن يؤمّنَ لهذا المحورِ دعماً مهماً، واستطاعتْ صواريخُ الحشدِ الشعبيِّ ومُسيّراتُه أن تصلَ إلى داخلِ الكيانِ الصهيونيِّ وتوقعَ فيه خسائرَ ليستْ بالقليلة، لذلك نحنُ نحذّرُ من محاولاتِ الولاياتِ المتحدةِ الأمريكيةِ بثّ الفتنةِ والشقاقِ بين أبناءِ الشعبِ العراقي، تارةً من خلالِ الفتنةِ المذهبيةِ التي يُعملُ عليها من خلالِ انتخابِ رئيسِ مجلسِ النوابِ أو تارةً أخرى من خلالِ التعيينات في الحشدِ الشعبي. يا شعبَ العراقِ العظيم انتبهوا إلى هذه المؤامراتِ ولا تقعوا في حبائلِ الشيطانِ وابْقُوا على وحدَتِكُم وعلى جهادِكُم في مواجهةِ العدوِّ الصهيوني.
أخيراً نعلنُ عن تأييدِنا ودعمِنا للجمهوريةِ الإسلاميةِ الإيرانيةِ وسماحةِ قائدِنا وعزِّنا وفخْرِنا وإمامِنا ومرجِعنا وسيّدِنا آيةِ الله العظمى الإمام السيد علي الخامنئي بأسمى آياتِ الولاءِ ونعلنُ أننا مع سماحتِهِ ولو خاضَ البحرَ لخُضْنَاهُ معه، ونحنُ سِلْمٌ لمن سَالَمَهُ وحربٌ لمن حارَبَهُ لأنهُ اليومَ رمزُ الإسلامِ المحمديِّ الأصيلِ، وهو رأسُ حربةِ المقاومةِ وهو مركزُ القيادةِ في هذا المحور، ولو استطاع العدوُّ الصهيونيُّ والعدوُّ الأمريكيُّ والعدوُّ الغربيُّ أن يُضعفَ الجمهوريةَ الإسلاميةَ لعمِل على ذلك، ولكن باءتْ كلُّ جهودِهِ بالفشلِ ولم يستطعْ تحقيقَ هذا الهدف، وخيرُ دليلٍ على ذلك الانتخاباتُ النيابيةُ وانتخاباتُ مجلسِ الخبراءِ الأخيرةِ التي أثبتَتْ أن الشعبَ الإيرانيَّ البطلَ يقفُ وراءَ جمهوريتِه المباركةِ ويقدِّمُ لها كلَّ الدّعمِ، وهذه الجمهوريةُ تقدِّمُ الدّعمَ لمحورِ المقاومةِ في المستوياتِ كافةً، وسيكون لها اليدُ الطولى في المعركةِ الفاصلةِ مع الكيانِ الصهيوني.