بمناسبة الخامس عشر من شهر شعبان الذي يصادف الذكرى السنوية الثالثة والأربعين لتأسيس تجمع العلماء المسلمين، أقام التجمع لقاءً علمائياً لإحياء المناسبة، بعد أن ألغى حفل الاستقبال الذي يقيمه في هذه المناسبة بسبب الأوضاع في لبنان والمنطقة والجرائم التي يرتكبها العدو الصهيوني بحق الفلسطينيين واللبنانيين. وقد تحدث في اللقاء كلٌ من: رئيس مجلس الأمناء سماحة الشيخ غازي حنينه وأمين سر مجلس الأمناء سماحة الشيخ علي خازم ورئيس الهيئة الإدارية سماحة الشيخ الدكتور حسان عبد الله. وجاءت الكلمات على الشكل الآتي:
كلمة سماحة الشيخ علي خازم:
تشغل قضية آخر الزمان حيزا هاما في حياة الناس اليوم كما شغلته سابقا وستشغله حتى يقضي الله أمره، ومما يرفع من مستوى تداولها إضافة إلى كونها من العقائد المشتركة عند المؤمنين أمور عدّة منها: إعادة الإعتبار لها كأساس في بناء دول وما يعنيه ذلك من وضع سياسات واستراتيجيات وما يترتب عليها من بناء قوى وتنظيمات وتحالفات.
بُنيت دولة إسرائيل الغاصبة لتكون دولة خلاص الصهاينة ومن تبَنَّى عقيدتهم من الغربيين، وبنيت مجتمعات صغيرة لأصحاب معتقدات خاصة في أميركا وأوروبا وآسيا، ونشهد بناء إمارات ودول على تصور خاطئ للإسلام من أمثال جماعة القاعدة والنصرة وداعش. وتقوم تحالفات داعمة لها سرا وعلنا، ومكمن الخطر في هذه كلها (البناء والتحالفات) أمران: أولهما حجم الفساد والإفساد في الأرض الذي تمارسه، وثانيهما إثارة الخوف من الإسلام واعتباره عدوا لأتباع الأديان الأخرى بل للإنسانية، أو ما بات يعرف منذ الثمانينات بالإسلاموفوبيا.
إن المتتبع للأسس الفكرية والغايات الإستراتيجية لهذه الظواهر يدرك حجم ارتباطها بالصهيونية العالمية من جهة، ويدرك أن غرضها تحويل الإسلام المحمدي الأصيل إلى مصدر رعب على الإنسانية، يستدعي أشكالا من التحالفات، دخلت فيها بعض القوى والدول الإسلامية عن قصد لكنه أعمى وبعضها عن خوف وهو أشد عمى. ومع وضوح عداوة اليهود الصهاينة للإنسانية ومشروعهم للعلو والإفساد في العالم تطرح علينا قضايا: تقديم الإسلام بصورة يتعقلها إنسان زماننا. تحديد أعداء هذا الإسلام. بناء قاعدة واسعة مناهضة للمشروع الصهيوني. هل يمكننا ذلك؟ هي وظيفتنا وعلينا العمل كما يعملون.
كلمة سماحة الشيخ غازي حنينه:
ونحن اليوم وفي ذكرى انطلاقة تجمع العلماء المسلمين ذكرى ولادة هذا التجمع مع ولادة الإمام المهدي صلوات الله وسلامه عليه والذي تجتمع الروايات على صحة ظهوره وخروجه في آخر الزمان والتي تواترت بالمعنى عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ارتباط التجمع بذكرى الإمام المهدي وبخط سير الإمام المهدي الذي رسم له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم انه يملأ الأرض عدلاً بعدما ملئت ظلماً وجوراً، وهل هنالك أفضل من راية العدل لترتفع في الأرض بين المسلمين ليقوم العدل بين المسلمين وبين كل الناس؟ (إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى) (وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ) هذه منهجية الإمام المهدي عليه السلام وهذه رسالة تجمع العلماء المسلمين التي تقوم على الدعوة للوحدة الإسلامية والدعوة لمناصرة العدل والحق في الشعب المظلوم الشعب الفلسطيني المضطهد المشرد اللاجئ في أراضٍ شتى في بقاعٍ شتى، والعمل على نبذ الفتنة المذهبية بين المسلمين، والدعوة الى الحوار بين المسلمين وغير المسلمين امتثالاً لقول أمير المؤمنين عليه السلام: “الناس صنفان إما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق”. ولذلك نحن في تجمع العلماء المسلمين ونحن السنة والشيعة عندما نعلن ولاءنا للإمام الخامنئي نعلنه من خلال المصلحة الإسلامية الأصيلة التي جاء بها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والتي أكد عليها القرآن الكريم بأننا نحن أمة واحدة، ربنا واحد، كتابنا واحد، نبينا واحد قبلتنا واحدة، وأننا أمة تدعو إلى توحيد الله وإلى إقامة العدل في الأرض، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
البيان الختامي ألقاه سماحة الشيخ الدكتور حسان عبد الله:
إننا في تجمع العلماء المسلمين نؤكد في ذكرى تأسيس التجمع على ما يلي:
أولاً: مازلنا نلتزمُ ونؤكدُ على التزامِنا بالإسلامِ المحمديِّ الأصيلِ، وهذا ما يفرضُ علينا مواجهةً كبيرةً لكلِّ ما يُحاكُ في العالمِ اليومَ بواسطةِ دوائرَ استكباريةٍ، استخباريةٍ تعملُ من أجلِ إبعادِ الناسِ عن الدينِ وليس مجردَ الإسلامِ فقط، من نشرِ الميوعةِ ونشرِ الشذوذِ الجنسيِّ وتدميرِ العائلة، والتوجُّهِ نحو الفرديةِ بدلاً من المجتمعِ والجماعةِ والعائلة، لذلك نؤكِّدُ على أننا في مواجهةٍ فكريةٍ ثقافيٍة سنلتزمُ بدورِنا فيها.
ثانياً: نؤكدُ التزامَنا بالدعوةِ للوحدةِ الإسلاميةِ ومواجهةِ الفتِن من أيِّ مكانٍ جاءت، ومنعِ الأفكارِ المتطرفةِ من الدخولِ إلى ساحتِنا الإسلامية، لأن هذه الأفكارَ المتطرفةَ هي السببُ الأساسيُّ للفتن، ولذلك فإن المتطرفين في أغلبِهم إنما ثَبُتَ أنهم جهاتٌ مرتبطةٌ بإداراتٍ استخباريةٍ ومؤسساتٍ استكبارية، وفي هذا المجالِ نؤكدُ على وحدةِ العاملينَ للإسلامِ في الساحةِ الإسلاميةِ ومحاولةِ جمعِهم ضمنَ أطرٍ واحدةٍ أو جماعاتٍ أو جبهاتٍ واحدة، كي تكون الجهودُ كلُّها جهوداً متكاملةً فيما بين العاملينَ لمواجهةِ الأخطارِ التي تتعرضُ لها الأمة.
ثالثاً: نؤكّدُ على نصرةِ قضايا المستضعفينَ في العالمِ واليومَ بعدَ ما حصلَ من خروجٍ لكلِّ الشعوبِ في العالمِ تأييداً للشعبِ الفلسطيني، فإن الفرصةَ متاحةٌ من أجلِ تنظيمٍ أمميٍّ يتبنى قضيةَ المستضعفين، هذه القضيةُ التي طَرَحَها الإمامُ الخمينيُّ قدّس الله سرّهُ في بدايةِ انتصارِ الثورةِ الإسلاميةِ عندما أعلنَ عن السعيِّ لتوحيدِ المستضعفينَ في العالمِ ضمنَ إطارٍ واحد، وذلك يبدأُ من خلالِ نصرةِ قضاياهم والتعاطفِ معهُم وتقديمِ العونِ لهم في مواجهةِ محورِ الشيطانِ الذي يسعى لاستغلالِ المستضعفينَ في العالم، ونحنُ في يومِ المستضعفينَ في الخامسِ عشرَ من شعبانَ نؤكِّد على وقوفِنا إلى جانبِ قضايا المستضعفينَ في العالم.
رابعاً: نعلنُ الالتزامَ بقيادةِ الوليِّ الفقيهِ الإمامِ السيد علي الخامنئي (دام ظله)، ونعتبرُ أن هذا هو ركنٌ أساسيٌّ وضروريٌّ للعملِ الإسلامي، إذ أن الأساسَ في العملِ الإسلاميِّ هو أن يكونَ هناكَ قائدٌ لهذا العمل، لا أن تكون هناك قياداتٌ متفرقةٌ في كلِّ مكانٍ من العالم، وكما ورد في الحديث: “إذا كنتم ثلاثةً فأمِّروا أحَدَكُم”، نحنُ في هذهِ الأمةِ لا بدَّ لنا من أميرٍ ونعتبرُ أن الأميرَ هو الوليُّ الفقيهُ السيد علي الخامنئي.
خامساً: نعلنُ التزامَنا بدعمِ محورِ المقاومة، ونعتبرُ أننا رأسُ حربةٍ فيه لأنهُ صراعٌ فكريٌّ ثقافيٌّ عقديٌّ كما هو صراعٌ عسكريٌّ أمنيٌّ، وبالتالي فإن دورَنا أساسيٌّ في هذا الأمر.
سادساً: نعلنُ نصرتَنا للمقاومةِ الإسلاميةِ في لبنان، ونعتبرُ إننا جزءٌ من هذه المقاومةِ وندعو إلى تبنّي الخيارَ الأساسيَّ لدعمِ هذه المقاومةِ وهو الثلاثيةُ الماسيةُ الجيشُ والشعبُ والمقاومة.
سابعاً: نعلنُ نُصرتَنا للمقاومةِ في فلسطينَ وندعو لتقديمِ كلِّ العونِ لها والتعاطفِ العمليِّ معها، والخروجِ في كلِّ مكانٍ من العالمِ نصرةً لهذه القضية، وندعو لوحدةِ الفصائلِ مع وحدةِ الساحاتِ كطريقٍ وحيدٍ لتحريرِ فلسطين.
ثامناً: نعلنُ نصرتَنا للشعبِ اليمنيِّ المظلومِ الذي تعرّضَ طوالَ الفترةِ الماضيةِ لحملةٍ ظالمةٍ من دولٍ عربيةٍ محيطةٍ بدعمٍ وتحريضٍ من الولاياتِ المتحدةِ الأمريكية، وهو استطاعَ أن يخرُجَ منتصراً من هذه المواجهة، وهو اليومَ يخوضُ معركةً إلى جانبِ المقاومةِ في فلسطينَ من خلالِ حصارِهِ للعدوِّ الصهيونيِّ عبر قرارِهِ بمنعِ مرورِ السفنِ المتوجهةِ إلى الكيان، والذي اضطُّرَهُ لأن يقدِّمَ تضحياتٍ كبيرةً في هذا المجال، خاصةً بعدَ أن تدخّلتِ الولاياتُ المتحدةُ الأمريكيةُ وبريطانيا، من خلالِ القصفِ لأماكنِ وتجمعاتِ الجيشِ اليمني، ولكن ذلك لم يمنعِ الجيشَ اليمنيَّ من الاستمرارِ في حربهِ، وستفشلُ هذه المحاولةُ الأمريكيةُ البريطانيةُ في إخضاعِ هذا الشعب الصامد البطل.
تاسعاً: ندعو إلى إخراجِ المحتلِّ الأمريكيِّ من العراق، ونعتبرُ أن المفاوضاتِ ليست طريقاً لإخراجِه، فهو دائماً كان يعملُ من أجلِ تضييعِ ما يُتّفَقُ عليه في هذا المجال، لذلك فإننا ندعو إلى تطويرِ المقاومةِ في مواجهةِ الاحتلالِ الأمريكي وصولاً إلى خروجِ كلِّ المحتلينَ من الأراضي العراقيةِ الشريفة.
عاشراً: نعلنُ التزامَنا بدعمِ الجمهوريةِ الإسلاميةِ الإيرانيةِ باعتبارِها اليومَ رأسَ محورِ المقاومةِ ومركزَ قيادتِه، ولا بدَّ من أن نكونَ على أهُبّةِ الاستعدادِ لتقديمِ أيِّ عونٍ تطلبُهُ هذه الجمهورية، التي تتحمّلُ اليومَ الكثيرَ من أجلِ قضايا المستضعفين في العالم.
حادي عشر وأخيراً: في لبنانَ ندعو من أجلِ الوحدةِ الوطنيةِ وبناءِ الدولةِ العادلةِ للعملِ من أجلِ أن يكونَ هناك موقفٌ واحدٌ من كلِّ أطرافِ محورِ المقاومة، ومحاولةِ التواصلِ مع شركائنا في الوطنِ من أجلِ الوصولِ إلى قناعاتٍ مشتركةٍ تؤدي للنهوضِ بهذا البلد، ونؤكدُ في هذا المجال على ضرورةِ انتخابِ رئيسٍ للجمهورية يؤمنُ بالثلاثيةِ الماسيةِ الجيشِ والشعبِ والمقاومة، والحمدُ لله رب العالمين.
All reactions:
23Ali Khoder, Mhamad Khodr and 21 others