(سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ))
أحياءً لذكرى الإسراء والمعراج ومواكبة للانتصار الإلهي لمحور المقاومة على العدو الصهيوني في ملحمة طوفان الأقصى أقام تجمع العلماء المسلمين مهرجاناً سياسياً حضره حشد كبير من العلماء والشخصيات وتحدث فيه كل من: رئيس المجلس السياسي في حزب الله سماحة السيد إبراهيم أمين السيد وعضو القيادة السياسية لحركة حماس في لبنان الأستاذ بسام خلف ورئيس الهيئة الإدارية في تجمع العلماء المسلمين سماحة الشيخ الدكتور حسان عبد الله. وجاءت الكلمات على الشكل الآتي:
كلمة رئيس الهيئة الإدارية سماحة الشيخ الدكتور حسان عبد الله:
يهمنا في تجمع العلماء المسلمين أن نؤكد على الأمور التالية:
أولاً: نعلنُ تأييدَنا للمقاومةِ الإسلاميةِ والوطنيةِ في فلسطينَ بكلِّ فصائلها وعلى رأسِها حركَتَيْ حماس والجهاد، ونحنُ على قناعةٍ تامةٍ بأن النصرَ سيكونُ حليفَها وسينتهي الأمرُ بإذعانِ العدوِّ الصهيونيِّ للشروطِ التي أعلَنَتْها، فلا وقفَ لإطلاقِ النارِ قبلَ الانسحابِ الكاملِ للعدوِّ الصهيونيِّ من غزةَ، ووقفٍ دائمٍ ومستمرٍ وشاملٍ لإطلاقِ النارِ وفتحٍ للمعابرِ الحدوديةِ لمرورِ المساعدات، ثم بعد ذلكَ يبدأُ التفاوضُ لإطلاقِ الأسرى على قاعدةِ الكلِّ مقابلَ الكلِّ وحولَ كيفيةِ إعادةِ البناءِ لما دمّرَتْهُ الحربُ، أما ماهيةُ السلطةِ بعدَ الحربِ فهذا أمرٌ بيدِ الفلسطينيينَ فهم وحدَهُم من يملكونَ حقَّ تقريرِ ذلك.
ثانياً: نحن ندعو محورَ المقاومةِ للاستفادةِ من معركةِ طوفانِ الأقصى لتمتينِ أواصرِ العلاقةِ بين أطرافِهِ وتشكيلِ غرفةِ عملياتٍ موحّدةٍ وجيشٍ واحدٍ يكونُ على جهوزيةٍ تامةٍ لمعركةِ التحريرِ الكبرى.
ثالثاً: نحن ندعو محوَرَ المقاومةِ إلى مواجهةِ العدوانِ الأمريكي- البريطاني على سوريا والعراقِ واليمنِ ونعلنُ وقوفَنا معهم في مواجهتهم لمحورِ الشرِّ الأميركيِّ الصهيونيِّ وسيكونُ النصرُ حليفَهُم بإذنِ الله سبحانه وتعالى.
رابعاً: نحيي المقاومةَ وسيِّدَها سماحةَ حجةِ الإسلامِ والمسلمينَ السيد حسن نصر الله ومجاهديها وشهدائها وجرحاها على طريقِ القدس وندعوها لتطوير إمكاناتها اللوجستيةِ والتسليحيةِ فهي ضمانةُ حمايةِ لبنانَ من أيِّ تهوّرٍ أو مغامرةٍ مجنونٍة من الكيانِ الصهيونيِّ والسبيلُ الوحيدُ لتحريرِ ما تبقّى من أراضينا ولصيانةِ سيادتِنا الوطنيةِ ولحمايةِ أرضِنا ومياهِنا وأجوائنا من الاعتداءاتِ الصهيونية”.
كلمة عضو القيادة السياسية لحركة حماس في لبنان الأستاذ بسام خلف:
بعد 125 يوماً لم يتوقف هذا الاحتلال النازي عن ارتكاب أبشع المجازر التي يندى لها جبين الإنسانية بحق المدنيين العُزل، اغلبهم من الأطفال والنساء والمسنين، وحوَّل البقية إلى نازحين يفتقدون لأبسط مقومات الحياة الإنسانية ودمر المنازل والممتلكات والبنى التحتية بشكل وحشي. ستبقى هذه الحرب النازية شاهداً على وحشية الاحتلال ووصمة عار على جبين كل المشاركين فيها والمتخاذلين عن تجريمها ووقفها. جرائم الإبادة الجماعية والتطهير العرقي تجري أمام سمع وبصر العالم الذي يقف متفرجاً ومتقاعساً وعاجزاً عن وقف مسلسل الإجرام الصهيوني المدعوم من الإدارة الأمريكية الشريكة والمسؤولة عن استمرارها. نطمئن الغيورين على فلسطين أن المقاومة كما لم تخذلهم في الميدان لن تخذلهم في المفاوضات ولن ترضى بأقل من وقف إطلاق للنار وتبييض السجون وإعادة الإعمار ورفع الحصار. ستبقى الحركة في كل المحطات وفية لتضحيات شعبنا وخادمة لتطلعاته ونضاله. نحيي محور المقاومة الذي هبَّ نصرة للمقاومة في غزة، التحية للمقاومة الإسلامية في لبنان والعراق وسوريا واليمن الذين وقفوا بحق مع غزة وقوفاً حقيقياً ودفعوا من أجلها أثماناً باهظة، التحية للجمهورية الإسلامية الإيرانية التي قدمت لنا كل أشكال الدعم، التحية لكل شريف وقف إلى جانب أهلنا في فلسطين، التحية لأحرار العالم الذين خرجوا في المظاهرات نصرة لأهلنا في غزة ولوقف العدوان الغاشم، التحية لجنوب أفريقيا التي رفعت شكوى الإبادة بحق شعبنا… عشتم وعاشت فلسطين.
وأختتم المهرجان بكلمة رئيس المجلس السياسي في حزب الله سماحة السيد إبراهيم أمين السيد:
تجمع العلماء هو ليس أول مرة، هو سباق في كل المناسبات، في كل التحديات التي لها علاقة بفلسطين. أيضاً هذا الحفل هو من جملة النشاطات التي يقوم بها تجمع العلماء المسلمين في الارتباط والانتماء والدعم والتأييد لقضية فلسطين ولقضية القدس وتحرير فلسطين والقدس أيضاً، وهنا أقول أن هذا اللقاء هو نوع من الإسراء إلى المسجد الأقصى خصوصاً في هذه الظروف وفي هذه المعركة. هذه مقدمة صغيرة من باب التبرك بمناسبة الإسراء والمعراج.
فيما يجري في فلسطين اليوم من بعد 7 تشرين يعني بعد طوفان الأقصى، الباحثون، المفكرون، المحللون ومراكز دراسات في العالم، الدول في العالم، المهتمين في الشأن السياسي والمراقبين للأحداث التي تجري في فلسطين، هناك محاولات كثيرة حاولت أن تقرأ سواء أسباب طوفان الأقصى أو نتائج طوفان الأقصى أو أهداف طوفان الأقصى أو تداعيات طوفان الأقصى، أنا سأختار بعض النقاط التي من جهتي اعتبرها أساسية واعتبرها مهمة على هذا الصعيد.
النقطة الأولى لها علاقة بتأسيس الكيان الصهيوني، لقد تأسس هذا الكيان قبل ما يقارب الـ75 عام. لكن بضمانات كبرى وعالية جداً، ضمانات دولية، وبشكل غير علني وبشكل خفي ضمانات إقليمية أيضاً، وهذه الضمانات هي ضمانات أمنية وضمانات عسكرية يعني تسلح لتزويد إسرائيل بكل ما تحتاجه عسكرياً لوصول إسرائيل إلى مرحلة التفوق العسكري في المنطقة. أساس الكيان هو الأمن، هو الأمن والاستقرار وزود بكل هذه الأسلحة من أجل الأمن والاستقرار. ما جرى كما يقول الإسرائيليون أنه هذا كسر وهدم هذا البنيان الصهيوني، البنيان الأمني، وهم يقولون. أننا نحن في طور الزوال وأيضاً يقولون إن المعركة التي نخوضها اليوم في غزة هدفها استعادة، يعني إعادة تأسيس الكيان الصهيوني من أجل استعادة الأمن، هكذا يقولون.
النقطة الثانية، هو إحياء قضية فلسطين، نحن مطلّعين بنسبة كبيرة على ما يقولونه الإخوة في حماس والجهاد، لكن خصوصاً الإخوة في حماس على هدف طوفان الأقصى، من جملة الأهداف ماذا؟ هم يقولون أنه إذا رجعنا قليلاً للوراء لنرى أين أصبحت القضية الفلسطينية، أصلاً الأميركيون ومراكز الدراسات والمفكرون الأميركيون يقولون أن الحل في فلسطين، أن نضع فلسطين على رفوف الإهمال والنسيان، انتهى، تموت هذه القضية.
النقطة الثالثة، الذي له علاقة بالإهمال هو إيصال الشعب الفلسطيني إلى اليأس من إمكانية الحل بما يتناسب مع حقوق الشعب الفلسطيني. يصبح هذا الشعب يأساً، وحينما يصل إلى اليأس فيقبل في النهاية بأي طرح يمكن أن يُطرح معه، حتماً تتذكرون صفقة القرن، في صفقة القرن مضمونها الجوهري الأساسي هو تحويل الشعب الفلسطيني من شعب محتلة أرضه وقضيته قضية احتلال إلى شعب بائس فقير مسكين.
النقطة الرابعة، الذي تحقق له ما بعده أيضاً يتعلق بالدول، الأمر كان أصلاً مثلما يقولون باللغة العامية “صوفتهم حمرا”. أصلاً صورة الأمريكان صورة بشعة ومعروف بكل العالم، وشعوب المنطقة عندنا لا يحتاجون إلى كثير من الأدلة والبراهين لنقول أن الأمريكان أعداء ولا يهتمون بحقوق شعوب المنطقة، ويرتكبون المجازر، ويصنعون الحروب ضد شعوب المنطقة، هذا مفهوم، لكن هم ليسوا مسترين كتيراً، الجانب الذي كان مسَّتر قليلاً هم الغرب يعني أوروبا. أوروبا تستر حالها بساتر له علاقة بشعارات الحرية والسلام وحقوق الإنسان وما أشبه ذلك، وتحاول أن تستر حالها حتى تستطيع أن تأخذ فتات المصالح في المنطقة من أمام الأمريكيين. ما جرى في طوفان الأقصى من ردة فعل الأوروبيين تمثل شراكة حقيقية مع الإسرائيلي في المجازر التي ارتكبها.
النقطة الخامسة، له علاقة بمحور المقاومة، الذي حصل سواء في فلسطين، ماذا في فلسطين؟ في فلسطين نحن ننظر فنجد شعب ليس من أعظم الشعوب فقط، هو أعظم الشعوب، ونجد مقاومة هي من أعظم المقاومات. ماذا يعني من أعظم المقاومات؟! لأن المعيار هو فعل هذه المقاومة مع حجم التحديات، حجم المعركة الموجودة في فلسطين غير قابلة لبقاء المقاومة، مع ذلك وجدنا مقاومة استطاعت أن تبقى، ليس فقط أن تبقى وإنما مقاومة استطاعت أن تهزم هذا العدو.
أريد أن أخلص إلى نتيجة أن أقول أنه نحن الأن ليس حديث أدب، أنا أتكلم بالسياسة، نحن الأن في عالم جديد، ونحن الأن في منطقة جديدة، نحن في عالم فشلت فيه خيارات الدول، وفي عالم في بعض الأماكن هزمت فيه الدول. ونحن في عالم هُزم فيه الكيان الصهيوني، نحن في عالم جديد يقوم على أساس لا يمكن لإسرائيل أن تبقى في منطقتنا، والبقاء فقط للمقاومة الإسلامية في كل مكان. وأقول في النتيجة ما يجري في فلسطين هو كما يقول القرآن الكريم ليميز الخبيث من الطيب، في هذه الحرب عرفنا من مع فلسطين ومن ليس مع فلسطين. بالتقدير السياسي أنا أعتبر سياسياً أن خيار الحرب في غزة، خيار بلا أفق أو بتعبير ثانٍ، أفق استمرار الحرب مسدود، والأمريكيون في الإعلام يكابرون، والإسرائيليون في الإعلام يكابرون، لكن العالم كله يعرف قبل الآن أن خيار استمرار الحرب لا يؤدي إلى نتيجة، الخيار المتاح هو وقف العدوان، الخيار المتاح هو خيار الحل. لكن الحل هنا هو حرب في الحل وليس حرب في السلاح، حرب في المفاوضات ونحن نراهن على عقل وحكمة وشجاعة الإخوة في فلسطين حتى لا يخدعوا من جديد خصوصاً لا يخدعوا من أصدقائهم، لأن الآن هذه المعركة في الحرب فشلت، الأن انتقلت الى حرب سياسية، وهي التي ستقرر مستقبل المنطقة ومستقبل فلسطين.