أقام تجمع العلماء المسلمين عشاءً تكريمياً في مركزه في حارة حريك على شرف الوفود المشاركة في مؤتمر “البنيان المرصوص- الوعد الحق” الذي نظمه الاتحاد العالمي لعلماء المقاومة..
تحدث في هذا اللقاء كل من رئيس الهيئة الإدارية سماحة الشيخ الدكتور حسان عبد الله ومفتي سوريا السابق سماحة الشيخ الدكتور أحمد بدر الدين حسون ورئيس الاتحاد العالمي لعلماء المقاومة سماحة الشيخ ماهر حمود، ونقتطف من الكلمات التي ألقيت ما يلي:
كلمة رئيس الهيئة الإدارية سماحة الشيخ الدكتور حسان عبد الله:
بسم الله الرحمن الرحيم وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين وأصحابه الأخيار المنتجبين. السادة العلماء الضيوف الكرام السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. لعل الكثير منكم يعرف تجمع العلماء المسلمين ولكن هناك من لا يعرف عن تجمع العلماء المسلمين شيئاً وعن تاريخ هذا التجمع، وبخلاصة صغيرة أحب أن أضعكم في أجواء هذا التجمع وتأسيسه وما فعل حتى اليوم. هذا التجمع تأسس في العام 1982. في ذلك الوقت كما تعلمون قام العدو الصهيوني بغزو لبنان، وقتها كنا نشارك في احتفال بمناسبة يوم المستضعفين في الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وهناك وصلت أخبار الاجتياح الصهيوني للبنان واجتمع ثلة من العلماء بعضهم الآن إما متوفي أو شهيد، أمثال الشهيد الشيخ راغب حرب، الشهيد السيد عباس الموسوي، سماحة اية الله السيد محمد حسين فضل الله، الشيخ سعيد شعبان، سماحة الشيخ ماهر حمود، كل هذه المشايخ كانوا موجودين في ذلك اللقاء وفكروا كيف يمكن أن نواجه العدو الصهيوني، وكانت الفكرة في ذلك الوقت أنه أي عدو عندما يدخل إلى أرض يحتلها يعمل على تفرقة أهلها من أجل أن يتحول هؤلاء إلى صراع فيما بينهم، فيتحول هو بدلاً من أن يكون محتلاً إلى أن يكون وسيطاً بين الفرقاء، ولا تستغربوا ذلك، فقد حصل الأمر في العراق عندما أراد الأمريكي أن ينسحب قالوا له لا تنسحب، قد نذبح بعضنا، فهذا ما يعمل عليه كل عدو، لذلك قرر هؤلاء العلماء أنهم يعودون إلى لبنان ويعملوا على وحدة صف الأمة وخاصة المسلمين من السنة والشيعة، لأنهما إن توحدا لا يمكن أن يهزمهما أحد، وإن اختلفا فالجميع ينتصر عليهم
لذلك جاءت فكرة تجمع العلماء المسلمين وتم تقديمها إلى الإمام الخميني قدس الله سره الشريف، وقال لهم اذهبوا على بركة الله واعملوا على هذا الأمر واعملوا على المقاومة، فإنها الطريق الوحيد من أجل إزالة الكيان الصهيوني وستنتصرون. قال ستنتصرون مع أنه بذلك الوقت لا يوجد لدينا شيء، سأروي لكم القصة باختصار، أتينا هنا على لبنان، لم يكن عندنا شيء يعني ليس عندنا سلاح، شباب بالعدد الكبير لا يوجد لدينا، وقررنا أن نقاتل إسرائيل، بدأت الناس تقول لك العين لا تقاوم المخرز. جمع بعض الإخوة وعملوا فكرة أن يعملوا المقاومة، حزب الله، طبعاً لم تكن فكرة أن حزب الله. بذاك الوقت حملنا هذه الفكرة وأخذنا نتنقل على العلماء الكبار، بعضهم قال لنا أنتم على ماذا تعتمدون؟.. كم واحد أنتم؟ كم عددكم؟ بذاك الوقت كنت أنا مسؤول عن التداركات يعني تقديم الإمكانيات اللوجستية للمقاومين على الأرض. قلت له نحن عندنا خمسة وسبعين شخصاً، فقال خمسة وسبعون ستقاتلون هذا الجيش الجرار الإسرائيلي؟!، هذه القوات المتعددة الجنسيات هي موجودة هنا، أمريكا موجودة هنا، إيطاليا موجودة هنا وفرنسا موجودة هنا، أنت ماذا ستفعل؟. أنت الأستاذ اذهب لمدرستك، أنت الطالب اذهب إلى جامعتك، أنت الشيخ كن في جامعك، اتركوا الأمر، حافظوا على المذهب، حافظوا على الجماعة يعني الجماعة ليس بمعنى الاجتماع الجماعي يعني على وجود النوع. فقلنا له مولانا نحن تعلمنا تحت منبركم أن الله عز وجل قال:” ﴿وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ﴾.
الله دعانا إلى تهيئة ما استطعنا ولم يدعونا إلى تهيئة القوة المكافئة، لم يقل لنا أعدوا لهم ما يكافئ، أعدوا لهم ما استطعتم على أساس أن الذي يعوض النقص هو الله، إن تنصروا الله. فإذا نحن لسنا مكلفين بأن نؤَّمن العدد والعدة المكافأة، نحن مكلفون أن نؤمن ما استطعنا نتوكل على الله والله ينصرنا. ومن قال أن الكثرة دائماً هي التي تنتصر؟ في كل حروب المسلمين كان المسلمون قلة. الله عز وجل وصفهم ببدر ﴿وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللّهُ بِبَدْرٍ وَأَنتُمْ أَذِلَّةٌ﴾ لم يقل وهم أقلة، أذلة الأذلة أكثر، ضعف أكبر ونصرهم الله، في مكان واحد كان المسلمين أكثر يوم حنين ﴿وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ﴾ هل أغنتهم شيئاً؟، مولانا نحن نريد أن نعمل تكليفنا ونقول للعالم أننا نحن هذه الجماعة الصغيرة القليلة التي ستتوزع على محاور حي السلم، الجامعة اللبنانية، البربير، الأوزاعي، مثلث خلدة، هذه المجموعات القليلة التي تقاوم العدو الصهيوني تقوم بتكليفها معتمدة على نصر الله وهي متيقنة أن الله سينصرهم. الخمسة وسبعين شاباً أصبحوا اليوم بحسب أخر إعلان لسماحة السيد أن لدينا مئة ألف مقاتل. الذي كانوا يخوفوننا منه الأميركي، قوات المارينز التي أتت على لبنان في واحد فقط طردهم، وواحد ذهب إلى الفرنسيين، الإيطاليين أتعرفوا لماذا تركناهم لأنهم كانوا فاتحين مستشفى وقاعدين فيها وفيها مواطنين لبنانيين لا نريد أن نعرضهم للخطر، النتيجة أن الأمريكي هرب! هذا بسبب ماذا؟ هذا بسبب الاعتماد على الله عز وجل، الركون لله. الوحدة الإسلامية، قاتلناهم صفاً واحداً، كأننا بنيان مرصوص، أنتم اليوم بمؤتمر البنيان المرصوص.
لا ننسى تلك اللحظات التي كنا نخرج فيها إلى الشوارع نتظاهر ضد الاستعمار وضد الاستكبار وضد الاحتلال، وكنا دائماً نقف في وجه كل القوى الطاغية وكنا نتعرض لكثير من الأمور. واجهنا الكثير يا أخوان لا تفكروا أن المسألة سارت براحة لا أبداً، تعرضنا لكثير من النقد، أوذينا، عشنا الغربة. أصبحنا بين أهلنا كالغرباء لما كنت أنا الشيعي أتكلم عن السني بجو العصبية المذهبية كانوا ينفرون مني، ماذا تقول؟ يجب أن تدافع عن الشيعة. وعندما السني كان يتحدث عن الشيعي في مجلسه أيضاً كانوا يتهمونه ويقولون له ماذا تقول؟ يجب أن تحافظ على السنة. هذا العدو الأمريكي والصهيوني لا يريد رأس السنّة ولا يريد رأس الشيعة أنه يريد رأس الإسلام، هو يريد رأس الإسلام. ماذا يهمه إذا صليت وأنت مكتف أو إذا صليت وأنت مسبل؟ هو لا يريدك أصلاً أن تصلي، يريد قتلك وموتك.
عندما قرر لبنان عمل معاهدة صلح مع العدو الصهيوني في السابع عشر من أيار، ولا أحد رفع رأسه، فقط تجمع العلماء المسلمين في الاعتصام الشهير في جامع بئر العبد، ووقف في وجه الدولة اللبنانية التي أرادت أن تقيم اتفاقية ذل وعار مع العدو الصهيوني، وأسقط اتفاق السابع عشر من أيار، وسقط الشهيد محمد نجدي ولكنه ارتفع إلى الله شهيداً، وأسقطنا اتفاق السابع عشر من أيار.
سماحة السيد فضل الله يقول بعد لقائه للرئيس حافظ الأسد يقول له إن يوم قرر لبنان أن يعمل اتفاق السابع عشر من أيار أحسست بنكبة كبيرة، قلبي ضاق، شعرت بأذى، قلت كل الأمور راحت.
استيقظت عند الصباح قرأت جريدة السفير وفيها خبر عن اعتصام بئر العبد، وقف بوجه الجيش اللبناني وأسقط اتفاق السبعة عشر من أيار، فقلت الأمة بعد فيها خير، الأمة لا زالت بخير.
يا إخواني أنا أقول لكم كلام من كل قلبي، وأعود أكررها أكثر من مرة أنا العالم الشيعي الإثنا عشري، أقول لكم فلتتحرر فلسطين وتصير الأمة أمة واحدة، وليس عندي مانع أن يكون ولي أمر المسلمين من أهل السنة والجماعة وألين وأسير تحت أمره وطاعته. المسألة ليست مسألة، نحن السنة ليس دين، والشيعة ليس دين، هؤلاء مذاهب في التفكير، الدين عند الله الإسلام ومن يبتغ غير الإسلام دينا.
إذن من يبتغي الشيعة ديناً ومن يبتغي السنة ديناً لن يقبل منه. عليك أن تكون مسلماً ليس سنياً ولا شيعياً. لماذا تركز يا شيخ حسان على هذا الموضوع؟ لأني أقول لكم أنه ستفتح علينا أبواب جهنم بعد انتصارنا في طوفان الأقصى، ستفتح علينا أبواب جهنم، سيعملون بكل قوتهم من أجل تمييع مجتمعاتنا، من أجل إدخال الانحراف، من أجل إدخال الميوعة والشذوذ الجنسي، من أجل إدخال الفتنة بين السني والشيعي وبين المسلم والمسيحي، بل أكثر من ذلك سيعملون على الفتنة بين السني والسني، وبين الشيعي والشيعي من أجل ضرب مجتمعنا. ألا نكون نمتلك وعي يخولنا أن نجهض المشروع قبل أن يبدأ؟ عليك أن تخرج من أنانيتك الذاتية وعصبيتك، عندما تخرج من أنانيتك الذاتية وعصبيتك وتخرج من المذهبية إلى رحاب الإسلام الكبير ساعتئذ تنتصر كما انتصرنا.
أشكر سماحة الشيخ ماهر حمود على كل الجهد الذي بذله في إنجاح هذا المؤتمر، طبعاً لا أنسى أن الشيخ ماهر حمود هو من المؤسسين الأوائل للتجمع وكان له فضل كبير، وهذه المسيرة كان له فيها الكثير الكثير لا ننساها ونقدرها، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
كلمة مفتي سوريا السابق سماحة الشيخ الدكتور أحمد بدر الدين حسون:
أرادوا أن يقضوا على لبنان، ولكن من شدة الظلمات ينبثق النور حتى إذا استيئس الرسل، وظنوا أنهم قد كُذبوا ، جاءهم نصرنا، وجاءهم نصر من الله من شباب صدقوا ما عاهدوا الله عليه، من اللحظة الأولى كان شعارهم لبنان أولاً لنصل إلى فلسطين ثانياً، أنقذوا لبنان مما يخططون له، فإن قسمتم لبنان ثنيتم بدمشق وثلثتم بالعراق، ووصلتم إلى الحجاز، ابدأوا منه، وتحملوا أبناء لبنان ودفعوا أغلى الضرائب، وإن أردتم أسماء الشهداء في بيروت وفي صيدا وفي صور وفي الجنوب وفي طرابلس حتى الضنية وحتى تلك المناطق في آخرها، ففي كل مدينة قائمة من الشهداء التي دفعت أغلى الأثمان لتعيد للأمة العربية والإسلامية يقظتها. أشهد الله أن ما حدث في الجنوب وما حدث في لبنان وما يحدث اليوم في غزة هو لرجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، فمنهم من قضى نحبه هو وزوجته وابنه في مكان واحد ارتقوا إلى السماء، من علمائنا، ممن لم يقفوا على المنبر فقط إنما على المنبر وفي الميدان، فكانوا قادة في المحراب وأئمة في ميادين الجهاد، أهنئ هذا التجمع الذي بشرني صاحب الفضيلة أن العدد تجاوز الثلاثمئة باقي لكم سبعة عشر عندما تصبحون ثلاثمئة وسبعة عشر عدد أهل بدر رضي الله عنهم، الآن دعونا لنختار سبعة عشر واحد وضموهم للاتحاد فيصبح العدد كامل، وأنا أتشرف أن أكون واحدا من تجمعكم، يسعدني ذلك فإن أي تجمع لعلماء الأمة يسعدنا أن نكون فيه لبنائها. أما غزة فسيشكركم أبناؤها وأطفالها ونسائها ورجالها ودمها بما قلتموه وعملتموه خلال هذه الأيام الثلاثة، منذ سويعة وصلتني رسالة من غزة هي على هاتفي يقول فيها:” أخي (اسمه داوود هناك) نشكركم على ما قلتموه، ونشكركم على ما أرسلتموه وأطفال غزة سيستقبلون رمضان، وهم كلهم أمل بأن تنصروهم وتقفوا معهم”، هكذا كانت الرسالة.
كلمة رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المقاومة سماحة الشيخ ماهر حمود:
لو فتحنا باب ذكريات التجمع لما كفتنا هذه السهرة طبعاً، ولكن الحقيقة أنها كانت أياماً ثمينة وثمينة جداً، وكل محطة تتذكر الأنبياء، كم عانوا من المكذبين ﴿وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ فَصَبَرُواْ عَلَى مَا كُذِّبُواْ وَأُوذُواْ حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلاَ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللّهِ﴾، انتهى، هذه سنّة، أن يكذَّب الأنبياء ومَن معهم حتى أتاهم نصرنا، وإن شاء الله هذا كله محسوب عند الله تعالى ولن يزول بمدح المادحين أو بإيذاء أهل الأذى المؤذين الذين لا يزالون يؤذون.
طوفان الأقصى وهذا المهم الخطب، نشاط، لقاءات، الحوار شيء مهم ومهم جدا، ولكن ثبت أنه لا يغير الأمة وللأسف بشكل أو بأخر إلا الدماء، يعني ما كان مثلا ًللمقاومة الإسلامية أن تنطلق كما حصل لولا مصيبة الاجتياح الإسرائيلي وإخراج المقاومة الفلسطينية من لبنان لم يكن ممكناً، كانت الساحة مليئة، وكل عملنا تقريباً في تقريب وجهات النظر، والتأكيد على أن إيران تتجاوز الانتماء المذهبي والجغرافي والقومي، وهي تدعم بصدق فلسطين منذ أن تحدث بذلك الإمام الخميني سنة ثلاثة وستين عند أول انتفاضة في وجه الشاه، تعرضنا كثير للأذى، طردنا من المساجد وأوذينا والرصاص، قال لا تسألوا تعرفوا كم مرة . هذا طريق ذات الشوكة وتودون أن غير ذات الشوكة تكون لهم، لا يا رب نريد ذات الشوكة ونريد طوفان الأقصى ونريد المقاومة في لبنان ونريد الصواريخ ونريد الشهادة والأشلاء والقتل والدمار، لا بأس ألا إن سلعة الله غالية ألا إن سلعة الله الجنة، فنحن طبعاً قد يقول أنتم تفعلون كذا وفنادق وأكل وشرب، هذا ليس له قيمة، القيمة ما سينتج إن شاء الله تعالى عن هذا الأمر.
وفي نهاية اللقاء قدّم الدكتور عزام عبد الحميد المستشار الأول لرئيس الحكومة الماليزية أنور إبراهيم درعاً تكريمياً لرئيس الهيئة الإدارية سماحة الشيخ الدكتور حسان عبد الله. وبعد ذلك جال الضيوف على متحف صحف للقرآن الكريم وأبدوا إعجابهم الكبير به.